لماذا سأل هذا السؤال؟
"وسمع يوحنا وهو في السجن بأعمال المسيح، فأرسل إليه اثنين من تلاميذه ليقولا له:
هل أنت هو الآتي، أم ننتظر آخر؟" (مت 11)
في الظاهر، يبدو يوحنا وكأنه جَهَل المُشار إليه، وكأنه لم يعرف من تنبأ به وعمَّده وأعلن عنهُ !!
باستطاعتنا أن نُحلِّل هذا السؤال بُسرعة أكثر إذا تأملنا في توقيت الأحداث وترتيبها.
لما كان يوحنا واقفاً على ضفة نهر الأردن، أعلن أن هذا هو مُخلِّص العالم. لكن، لما أُلقي في السجن سأل ما إذا كانوا سينتظرون مُخلِّصاً آخر أو أنه قد أتى.
قال هذا القول لا لأنه شكَّ في الشخص الذي أعلنهُ مُخلِّص العالم، بل لأنه أراد أن يعرف منهُ هل سينزل بشخصه إلى الجحيم.
يوحنا سبق المسيح إلى العالم وأعلنه هناك. وسيسبقه بعد موته إلى العالم الأسفل.
هذا ما تضمنه سياق سؤاله: "هل أنت هو الآتي، أم ننتظر آخر؟"
فلو تكلم كلاماً أكثر شمولية لقال: "بما أنه يليق بك أن تولد في سبيل البشر، أفلا يليقُ بك أن تموت لأجلهم. لقد كنتُ سابقاً لولادتك، وسأكون سابقاً لموتك، سأُعلن قدومك إلى العالم السُّفلي كما أعلنتُ مجيئك على الأرض".
أربعون عظة إنجيلية لغريغوريوس الكبير (قرن 6) \ مقال من " مدونه ابائيه "