مركز الله فى الخدمة ج ( 2)
تابع مركز الله فى الخدمة :
2- الله هو الذى يدعو إلى الخدمة :
لقد قال السيد المسيح لتلاميذه " لستم أنتم اخترتمونى . بل أنا اخترتكم ، واقمتكم لتذهبوا وتأتوا بثمر" (يو 15 : 16) . وهؤلاء " الذين سبق فعرفهم ، سبق فعينهم " (رو 8 : 29) .
إن الله هو الذى يدعو ، وهو الذى يختار . وهو الذى يعين ، " ولا يأخذ أحد هذه الكرامة بنفسه ، بل المدعو من الله كما هارون " (عب 5 : 4) . سواء من جهة الكهنوت أو باقى الخدام ، من جهة الإثنى عشر ، كما من جهة السبعين (لو 10 : 1) ، أو غير هؤلاء وأولئك . إنه يقول للآب " كما أرسلتنى إلى العالم . أرسلتهم أنا إلى العالم" (يو 17 : 18) .
إذن الخدمة
إرسالية ، يرسلها الله ، ويختار لها من يشاء .
هى عمله والكرم هو كرمه ، وهو يقيم فيه من يشاء من الوكلاء ، يعملون فى الكرم تحت إشرافه ... كيف إذن نعمل فى الخدمة . دون أن يكون الله هو الأساس فى كل شئ ؟! إنه ليس فقط الذى يدعو ويختار ويرسل . وإنما إيضاً الله هو المتكلم فى الخدمة.
3- الله هو المتكلم فى الخدمة :
لايجوز فى الخدمة أن يتكلم أحد من ذاته . حتى بلعام نسمعه يقول : " الكلام الذى يضعه الله فى فمى ، به أتكلم" (عد 22 :38) .
إذن الخادم هو شخص يتكلم بما يضعه الله فى فمه .
هو مجرد شخص يأخذ من الله ، لكى يوصل للناس . وما عليه إلا أن يكون موصلاً جيداً لكلمة الله . إنه شخص ناطق بالإلهيات ... إننا نقرأ كثيراً فى سفر اللاويين هذه العبارة : وكلم الرب موسى قائلاً : كلم بنى إسرائيل وقل لهم : (لا1 : 1 ، 2) ، (لا4 : 1 ،2) ، (لا7 : 28 ، 29) ، (لا11 : 1 ، 2) . وهكذا كان موسى يأخذ من فم الله ، ويكلم الناس . موسى ما كان يعرف أن يتكلم . وقد سبق أن قال للرب "لست انا صاحب كلام منذ أمس ولا أول من أمس ، ولا من حين كلمت عبدك ، بل أنا ثقيل الفم واللسان" . فأجابه الله "أنا أكون مع فمك . وأعلمك ما تتكلم به" (خر4 :10 ، 12) .
وهوذا ربنا يسوع المسيح يقول لتلاميذه قولاً معزياً :
"لستم أنتم المتكلمين ، بل روح أبيكم الذى يتكلم فيكم" (مت10 : 20) .
ما أجمل هذا ، إن الإنسان لا يتكلم من ذاته ، إنما يوصل كلمة الله للناس ، وليس فكره الخاص ، ولا مفهومه الخاص ،وإنما فكر المسيح (1كو2 : 15) . بل هوذا بولس الرسول نفسه بكل مواهبه يطلب من أهل أفسس أن يصلوا بكل صلاة وطلبة فى كل وقت من أجله ... وتسأله لماذا ؟ فيقول :
"لكى يعطى لى كلام عند افتتاح فمى" (أف6 : 19) .
إنه يطلب أن يعطيه الله الكلام الذى يقوله ... أليس هذا درساً لنا نتعلمه من هذا القديس العظيم ، أعظم كارزى المسيحية ... ؟! فهل أنت تصلى من أجل هذا أيضاً ، لكى يعطيك الله كلمة عند افتتاح فمك غير معتمد على ذكائك ومعلوماتك وخبراتك ... ؟! فالله هو "المعطى كلمة للمبشرين بعظم قوة" (مز68 : 11) .
فإن كنت لم تأخذ من الله ، فمن الخطورة أن تتكلم .
نعم من الخطورة أن تملأ أذهان الناس بكلام بشرى ، أو كما يقول الرسول "بكلام الحكمة الإنسانية المقنع" (1كو2 :4) ، وليس بكلام الله .
اسكب نفسك إذن أمام الله قبل الخدمة ، لكى يعطيك الكلمة المناسبة النافعة للناس . الله إذن هو الذى يدعو ويرسل وهو الذى يعطى الكلمة . وماذا يعطى ايضاً ؟
4- الله هو الذى يعطى القوة والتأثير :
لقد أمر السيد المسيح تلاميذه ألا يبرحوا أورشليم حتى يلبسوا قوة من الأعالى (لو24 : 49). وماذا كانت تلك القوة؟ لقد قال لهم "ولكنكهم ستنالون قوة متى حل الروح القدس عليكم ، وحينئذ تكونون لى شهوداً" (أع1 : 8). وفعلاً لم يخدموا إلا بهذه القوة التى أخذوها من الروح القدس ...
فإن كنت لم تأخذ قوة من الروح القدس ، فباى قدرة يمكنك أن تخدم؟!
المرجع : الخدمة الروحية والخادم الروحى (الجزء الأول) . لقداسة البابا شنودة الثالث .